• خطة استثنائية لمواجهة أزمة الاقتصاد العالمي

    25/11/2008

    الأزمة المالية التي أصابت العالم خلفت وراءها أزمة اقتصادية عميقة تعد أشد تأثيرا من الأولى، لأنها طالت الاقتصاد الحقيقي الذي بدا في وضع لا يحسد عليه، ليس في الدول الصناعية فقط، بل في دول العالم كافة، فالأخبار التي تتوالى جميعها أخبار سلبية وتتعلق إما بإفلاس شركات أو تسريح موظفين أو ضعف الإنتاج أو حصد مزيد من الخسائر وغيرها كثير.
    ضعف الطلب على السلع والخدمات المقترن بانخفاض مستمر في الأسعار يتوقع أن تكون له آثار غاية في السلبية في الاقتصادات المتقدمة التي ظلت عقودا تسيطر على الإنتاج العالمي، وقد يعيد تشكيل خريطة القوى الاقتصادية إذا ما استمر، حيث سيبرز لاعبون جدد غير أولئك الذين ظلوا عقودا يسيطرون على مفاصل الاقتصاد العالمي.
    نحن في المملكة من أقل دول العالم تأثرا بالأزمة المالية وكذلك بالأزمة الاقتصادية التي تبعتها، لكننا لسنا بمعزل عما يحصل في العالم وسنتأثر بطريقة غير مباشرة بسبب انخفاض الطلب على النفط والمنتجات البتروكيماوية وانخفاض أسعارهما من جهة، والتأثيرات النفسية في قرارات المستثمرين داخل المملكة من جهة أخرى، وهو ما يتطلب العمل على خفض الآثار السلبية التي ستلحق باقتصادنا إلى أقل درجة ممكنة، وهذا لن يتأتى إلا بوضع خطة مشتركة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية تشترك في إعدادها وتراقب تنفيذها وزارات: المالية، الاقتصاد، التجارة، الصناعة، البترول، ومؤسسة النقد .
    من المهم المحافظة على مستويات سعرية مقبولة ومتوازنة للنفط تأخذ في الاعتبار ما يمر به الاقتصاد العالمي من جهة ومتطلبات التنمية في الدول المنتجة من جهة أخرى، وهذا لن يتأتى إلا بتكاتف جميع الدول الأعضاء في منظمة أوبك وخفض حقيقي ومتدرج قد يكون مؤلما في بعض الأحيان ، كما أن الصناعات البتروكيماوية تحتاج إلى دعم حكومي ولا نقول ماديا من أجل صمودها في وجه انخفاض الطلب والأسعار على منتجاتها .
    وإذا كان هناك من إجراء يساعد على استمرار معدلات النمو الاقتصادي في المملكة ويجنبها الركود فهو استمرار الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية الأساسية وهو ما أعلنته المملكة وعلى لسان خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله - في قمة الدول العشرين الذي قال إن المملكة ستنفق نحو 400 مليار دولار على مشاريع البنية الأساسية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وهو لاشك مبلغ ضخم بكل المقاييس إذ يتوقع أن يكون متوسط الإنفاق السنوي في حدود 300 مليار ريال على مشاريع الباب الرابع في الميزانية العامة للدولة.
    الصين من جهتها تعلم أن استمرار معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي لديها يرتبط بما تنفقه على مشاريع البنية الأساسية، وهي لهذا أعلنت أنها ستنفق مبالغ كبيرة خلال السنوات المقبلة لهذا الغرض.
    حسنا فعلت المملكة عندما قررت توجيه احتياطياتها النقدية للداخل في ظل ركود اقتصادي عالمي سيوقف النمو في كثير من الدول الكبرى، لأنها بهذا تختصر خطوات طويلة في طريق التنمية الاقتصادية المستدامة، فالأزمة العالمية لا يتوقع أن تستمر مدة طويلة، لكن خروج المملكة منها بإيجابيات اقتصادية أمر بالغ الأهمية وليس مستبعدا، بمشيئة الله
    المصدر: http://www.aleqt.com/2008/11/25/article_167613.htm

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية